السبت، 24 أكتوبر 2009

₪ رحلة إلى 1412هـ ₪ 1 ₪




(أسوأ مايمكن أن تستيقظ عليه هو الجوع إذ يعميك ويوقف كل حاسة لديك حتى لحظة دخول الطعام لجوفك حينها فقط.. تتفتح عيناك وتشتغل الأنظمة والحواس على أربع وعشرين حباية).

كل ماسبق هو مقدمة لما أصبح الآن الرحلة الأكثر امتاعاً في حياتي، ففي إحدى الأيام الخالية استيقظت جائعا لا ألوي علي شيء، الساعة تشير إلى الثالثة والنصف فجراً وليس بين عيني سوى بيتزا أبي بكر كبير طباخي (مطعم الطيبات) طيب الذكر دائماً، توجهت إليه أرجوه كما رجت غزة العرب لكنه لم يخذلني كما خذلوها بل أجاب النداء بقوله: عشرة دقيقة صديق.

تفحصت المحفظة لأجدها خالية إلا من ريال من عهد الملك فيصل أنقله معي دائماً يشعرني أن في محفظتي شيئاً لا يملكه الكثير ممن هم حولي ومنتظراً أن يتورط أحدهم فيطلب عملة قديمة يضع عليها جائزة فأكون أنا صاحب الحظ السعيد(!) تحركت بسيارتي أجوب رفحاء التي غدت اليوم عبارة عن ثكنة عسكرية ترى من الفضاء على أنها مطب كبير بعدما كانت متنزهًا أخضر يسر الناظرين، فمطبات محافظتنا تقترب من عدد السكان ولم يبقى سوى أن يعلق بروشورا تابعاً للمجلس البلدي يقول: وتحقق الحلم.. مطب لكل مواطن.

كانت الوجهة نحو صراف الراجحي الذي يقع أمام قصر الضيافة، وفق حساباتي.. ما إن أصل إلى هناك وأعود إلى أبي بكر ستكون البيتزا قد استوت، أدهشني أن شارع الحزام برفحاء قد خلا من مرتاديه تلك اللحظة فلم أصادف سيارة واحدة وهذه هي الحسنة الوحيدة في أيام الدوام وصلت الصراف على خير وأدخلت البطاقة وحددت اللغة العربية كلغة مشتركة بيني وبين الآلة ثم وضعت الرقم السري ليتوقف الجهاز قليلاً ثم عرضت الشاشة كلاماً للمرة الأولى أقرأه في جهاز صراف كان فحواه أني أستطيع الانتقال إلى أي تاريخ أريده وأنني أحد القلائل المحظوظين الذين سيحظون بهكذا رحلة [ العودة إلى الماضي ] كما فهمت.

على أنني كنت أتمنى وأرجو أن أستضاف أمام كاميرا خفية فهي لاشك أنها من أكثر الأمور إمتاعاً؛ إلا أنني ارتبكت وأخذت أضحك بشكل هستيري وبدأت أوزع الشتائم والاتهامات نحو كل اتجاه، لكن الخيار الوحيد الذي لم أذهب إليه هو الغاء العملية.. انتابني شعور بالفضول الشديد فأنا لم أفكر يوماً ماذا سأختار إن وجهت لي هكذا أمنية لكن الإجابة كانت على طرف اللسان 1/ 1 /1412 هـ اليوم الأول لي في المدرسة وفي رحلة العلم الشاقة أدخلت التاريخ وأخبرني الجهاز بأن علي الحذر والتعامل كما لو أنني أعيش فعلاً في عام 1412 كيلا أحاول أن أغير الأحداث، فكل ما سوف أقوم بتغييره سيكون له تبعاته في المستقبل، أجبت بالقبول وأنا أتسائل في داخلي: ماهو أسوأ سيناريو قد يحصل؟!

أظلم محيط المكان حولي وأصبحت معزولا ًفي أرض جرداء واختفت محطة البنزين والصرافة والقصر وجميع أحياء الرفحاء الشمالية والشرقية في لمح البصر. كانت أكبر مخاوفي في تلك اللحظة تكمن في أني أدخلت تاريخ 1214 بدلاً من 1412 لكن ما أبعد تلك الرواية لمعان لضوء مصباح كهربائي بعيد. حمدت الله حينها أنه لم يخترع أديسون المصباح إلاّ في عام 1304 هـ.

(يتبع)


.

0 تركوا أثرا:

إرسال تعليق