السبت، 24 أكتوبر 2009

₪ في بيت العرّافة ₪ 1 ₪




(إذا رغبت في شيء فإن العالم كله يطاوعك لتحقيق رغبتك)

تلك العبارة التي قالها الملك العجوز الغريب لذلك الراعي الإسباني حاثاً له على أن يمضي قدماً في سبيل تحقيق أسطورته الشخصية والعثور على الكنز الذي تكرر في أكثر من حلم في رائعة البرازيلي باولو كويلو "الخيمائي".

استوقفتني العبارة كثيراً وأخذت أتساءل: ماذا لو كان هناك فعلاً أسطورة شخصية يجب أن أسعى لتحقيقها !

قاطع هذا التساؤل -بإلحاح مقنع- تفكيري بالذهاب غداً لأقرب عيادة وإيجاد حلٍ فوري وناجح لمشكلة الأرق والتي بسببها فقط عرفت الخيميائي.

عانيت في الفترة الماضية من ثلاثة مشاكل تتفاوت في تأثيرها عليّ، أهمها وأكثرها إيلاماً الأرق العجيب والذي يتمدد وقته كلما ازدادت حاجتي للنوم ولست أعلم حتى اللحظة كيف نمت الأسبوعين الماضيين.

ثاني تلك المشاكل هو اضطراب في ضغط الدم فمن ارتفاع يصاحبه صداع وتعرق رهيب إلى انخفاض يصحبه خمول وفتور ورغبة في التمدد بل والإغماء، لكن لعلمي أنه لن يفكر أحد في حملي للمستشفى وأن النقاش الطويل حول من يجب الإتصال به في هذه الحالة من هلال أحمر ودفاع مدني والإسعاف أو حتى أقرب مطعم يشغل توصيل الطلبات فيه أبضاي تركي ومن ثم إذا جزموا فعلى من يتصلوا: 999 أو 998 أو 997؟! كل هذا منعني من التظاهر بالإغماء وسحب البساط من والدي الذي طال به المرض وأصبحت قضيته الأولى (المتابعة الجماهيرية) لخمس سنوات على التوالي.

ثالث تلك المنغصات فحُلُمٌ يَسْلب مني لذة النوم التي لا أعرفها إلا بشق الأنفس, أرى نفسي فيه بقاعة امتحانات الكلية في مادة تاريخ المملكة وأنا أدخل الإختبار وليس عندي من المعلومات إلا مايملكه بعض خطباء الجمعة عن فنون الاتصال لأستلم بعدها الورقة وأقلبها كيف أشاء لا أعلم مالذي فعلته حتى أسأل هذه الأسئلة.

منّ الله عليّ بعد أن أمّنت بصوت عال في كل مرة يقول الإمام فيها "ولا هماً إلا فرجته" يظهر لمن بجانبي بأنني مخلص في دعائي وبأن على الإمام أن يفهمها ويطيب مطعمه لتستجاب دعوته فما أنا إلا مؤمّن خلفه, المهم.. هداني الله تعالى لحل مشكلتين من أصل ثلاث, فمشكلة اضطراب ضغط الدم حُلت عندما تعطل النت عندي لفترة فلم أعد متابعاً للمواقع الإخبارية وللرياضية ولاحتى المنتديات مما مهد للضغط بأن يستقر في مكانه.

مشكلة الحلم عالجتها بـ 3 جولات يومية حول المدرسة الجديدة التي انتقلت إليها معلماً حتى يتطور اللاوعي بتاعي وينتقل معي إلى مرحلة التدريس وأصدق أنني قد صرت معلمًا.

أمّا الطامة الثالثة.. فلم يكن من بد للتوجه إلى أقرب مستوصف يحولني منه الطبيب كالعادة إلى المستشفى لأقابل المختص وهذا خيار استبعدته لسببين وهو أنني ومنذ نعومة أظفاري وأنا أسمع تعليقات الكبار عن هذا المستشفى وأنه تابع وممول رئيسي للشركة المنتجة لفيفادول ولأنه تبادر إلى ذهني أن المستشفى مرّ بحالة اختلاس لعدد من الأدوية وبكميات كبيرة لم يذكر فيها الأخ فيفادول.

لم يبقى لي من أخذٍ للأسباب سوى التوجه إلى تلك العجوز التي اصطلح البعض على تسميتها بالعرّافة وآخرون بأم رويشد وفئة قليلة من عجز الحارة وتحديداً النازحات من الكويت أطلقن عليها "أم السعف والليف".

أم رويشد.. عجوز قد بلغت من الكبر عتياً تبدي لنا سيرتها المنشورة بأنها معالجة شعبية وقارئة كف وحاصلة على الميدالية البرونزية في أولمبياد لوس أنجلوس في رمي النشاب، تحديداً.. بدأت حياتها في تجارة إلسي كولا والبيبسي المعبأ بأكياس بلاستيكية، وتطورت تدريجياً وسابقت الزمن حتى تمكنت من بيع المجموعة الكاملة لمسلسل سنوات الضياع على أقراص DvD.

بيت أم رويشد لا يبعد عني على الأقدام سوى عشر دقايق وبالسيارة ربع ساعة والسبب يعود إلى تلك الحفريات التي دشنتها شبكة الصرف الصحي احتفالاً بمرور ستة أشهر على آخر حفريات بالحارة.

ما إن وصلت إلى الباب حتى ضغطت الجرس الكهربائي والذي علمت بعد دخولي أن نغمته كانت "money"، ولم تمر عدة ثوان حتى صاحت أم رويشد: من بالباب؟ وكان من الطريف أن أرد: أنا الذيب ! ونستكمل لعبة الألوان الشهيرة لكن بالي كان مشغولاً في تعريفي بذاتي المحترمة, بدا لي أن أقصر الطرق لدخول بيت العمة أم رويشد هو أن يكون تعريفي على نسق: فلان ولد فلانة. وقد أصبت فعلاً فقد فتح الباب وكأن اسمي كان "آبا كادابرا".. .

(يتبع)

0 تركوا أثرا:

إرسال تعليق