الأحد، 25 أكتوبر 2009

[ الله يلعن اللي ما يقاطع أمريكا ] - قرق قرق قرق.




في خضم الهجمة الصليبية الصهيونية على العراق، كنت جالسا مع بعض الأحبة في شقتنا نستعرض الأحداث بأسى وحزن، وكان من بيننا شاب اشتهر بمواقفه الطريفة، وتعليقاته التلقائية، كان يشاركنا الحديث وفي عينه عبرة، وبقلبه ألم وحسرة، فلما اشتدت به الحال، عمد إلى قارورة (بيبسي) بلاستيكية كبيرة نصف فارغة، ورماها على الجدار صارخا: الله يلعن اللي ما يقاطع أمريكا.

انفضّ المجلس وتركنا صاحبنا وحيدا يطالع صحيفة عنده، وذهبت إلى شغل استغرق مني دقائق معدودة، وما لبثت حتى عدت إلى ذات المجلس، فوجدت صاحبي يشرب بنهم من تلك القارورة التي رماها حتى أنهاها ثم أخذ يستحث قطرات (البيبسي) لتنزل في فمه، ولك أن تتخيل -قارئي العزيز- الموقف !

بين مقاطعة صاحبي لأمريكا عبر رمي قارورة (البيبسي)، ثم الشرب منها دقائق معدودة، وبين مقاطعة أمة المليار للدانمرك ثم الرجوع إلى ثدي أبقارها أشهر قليلة جدا، هكذا نحن ! لا نحمل في قلوبنا إلا مبادئ الانهزامية والاتكال، واعتياد الإهانة، وقلة الصبر، وضعف المجاهدة، ما أسرع عودة بوك وأخواتها إلى رفوف محلاتنا وأدراج ثلاجاتنا.

يا من لذلة قوم بعد عزهم **** أحال حالهم كفر وطغيان

لا أختزل نصرة النبي صلى الله عليه وسلم بالمقاطعة، حاشا لله.. وإنما أسلط الضوء على زاوية من زوايا الانهزامية التي تعرضنا لها، حين يخرج رئيس وزراء الدانمرك في تجمع أوروبي عام يعلن انتصاره علينا صراحة، وأنا إنما أركز على المقاطعة لأننا جميعا ركزنا عليها في بداية الأزمة، وأجهدنا أنفسنا، وأمضينا وقتنا في نشر ما يتعلق بها، كلامي هنا قد يُفسّر أنه كلام مُحبط ويائس، ولكني -مع احترامي- أعتقد أنه تنبيه لابد منه إلى كل من أدخل إلى بيته المنتجات الدانمركية، أو على الأقل لمن لم يتنبه ولم يحرص على ألا تدخل.. مع تحية ملؤها الاعتزاز والافتخار بمن بقي على مقاطعته حتى صارت أمرًا عاديًا في حياته.

الله يتولانا وإياكم،
وصلى الله على الحبيب وسلم.

0 تركوا أثرا:

إرسال تعليق