السبت، 24 أكتوبر 2009

● الثائر الأحمر.. وفي الدنيا من يحبك فابتئس ●




تهالكت على فراشي الوضيع، والخوف أو القلق قد أخذ مني مأخذه حيث الاختبار غدا ولا مذاكرة إلا مذاكرة تبعث على الأسى، وبينما أنا كذلك إذ سرح بي الفكر إلى أفاق بعيدة تذكرت فيها أصدقاء، ورفقاء، ومعارف ، وما شئت من قريب وبعيد، ثم توقفت عند أحدهم وقد انقطعت عنه بضعة أيام حتى تدهورت حال الوجدان، وساءت أوضاعه لأسطر له عن ذاك الشعور الغريب الذي انتابني هذه الأحرف.

يدعى بالثائر الأحمر.. وليس له من اسمه سوى الحمرة وليعذرني على ذلك..

كنت أكتب له وفجأة وإذا باللون الأحمر يملأ الورق..ذُهلت ومن دون أن أقوم بشيء صحت: يا رباب!!

ردت رباب: لبيك لبيك، ودخلت الغرفة، ثم صرخت..حيث كنت فاقدا للوعي.

بدأت الظلمة في عينيّ تنقشع شيئا فشيئا وحل الضياء وحلت التعاسة حيث كنت وجها لوجه مع الطبيب البيطري الذي رقي من علاج الحيوانات (البهائم) إلى علاج الحيوانات (الناطقة)-على ذمة الفلاسفة والمناطقة- والذي ما إن رآني أفتح عيني الجميلتين حتى أقحم إصبعه الإبهام والسبابة فيها كمن يبحث عن شيء ليصطاده، ولكني خيبة أمله، فلم يكن هناك سوى عيني اللتين أزيل عنهما الجمال بملامسة السيد لهما.

بعد ذلك الاقتحام بدأت بالنظر حولي لعلي أجد وجها لا أنكره، وفجأة برزت رباب لتملأ نفسي بالرضا والحبور.

رباب، ماذا حدث؟

ردت: لقد أغمي عليك وأنت تكتب.

حسنا، لكن لماذا احمرت الأوراق؟

لأنك..أحمق وغبي قالها البيطري وكأنما استراح وهو يقولها.

هي: لقد كنت تكتب وعندما وصلت إلى الجزء الأخير يبدو أنك – تدخل البيطري:قد سكرت – قد انفعلت ، فقمت بجرح إصبعك حتى نزف ، ثم شرعت تكتب وإصبعك القلم ومدادك الدم ، وأخرجت الورقة لتقرأ...

( إلى الثائر الأحمر:

عندما تكون الجمل الاسمية والفعلية مع الضمائر والحروف والمفردات موجهة إليك أبدو كأني قد ألهمت لذا انظر إلى الدم الذي أكتب به لقد جعلت إصبعي قلما مداده دمي حتى لا تنتهي الكلمات إلا بانتهاء دمي حتى يكون شاهدا على حب الدفين والذي قلما أثير...

الثائر الأحمر.. ها هو ذا شتاتي قد اجتمع بلا ميعاد عندما علم أني إليك أكتب..

الثائر الأحمر.. لقد غارت الضلوع المنحنية من الأصابع فهي تود أن تشارك ولو بعلامة ترقيم تضعها في كتابي إليك..

الثائر الأحمر.. تساقط الدمع على الدم، وناح الحمام على الغصن الرطيب ، وضجت زوايا غرفتي بالشوق القديم..

الثائر نسيت أن أخبرك بأن الدمع قد تسابق في السقوط على الورق ليحظى بشرف السبق لملاقاتك.

الثائر الأحمر.. شكى الشافعي إلى وكيع ، أما أنا فشكوت إلى الجميع ولا سميع.

لقد سمعتهم يقولون: دع القلق، وابدأ الحياة؛ أما أنا فسأدع القلق والحياة، ما دام الموت راحة كل حيٍّ ، ولأمت كما مات سيرانو دي برجراك على قبر الحب الضائع.

الثائر الأحمر وفي الختام - وإن شئت النهاية – لقد حاولت أن أهب الحب دون انتظار مقابل ( أن أكون كآلة مانحة للحب أو كينبوع يستقي منه الآخرون معاني الحب الطاهر
لقد اقتنعت شبه اقتناع بأن سعادتنا ليست فيما يهبه الآخرون لنا بل فيما نقدمه نحن لهم ) ولكني رسبت حتى معك.

الثائر الأحمر وسقطت الدمعة الأخيرة وسقط صاحبها..

محبك/ مشـعل .).

هنا ضج البيطري بالبكاء، أما الرباب فخرجت مسرعة ودمعها يتحدر، وبقيت أراقب الورقة وهي تسقط بهدوء على الأرض.

وعدت إلى غيبوبتي.

( الثائر الأحمر وفي الدنيا من يحبك فابتئس...).

0 تركوا أثرا:

إرسال تعليق