السبت، 24 أكتوبر 2009

● محطات ●




( 1 )

صـاحبـي..

ها نحن نعود من جديد بجرح يبعث الأسى من جوف الأسى..

و كأنما أصبحنا في هدأة الحياة من البائسين الذين كتب عليهم صراع لما ولن يتضح.

- و ها نحن نمثل أدوارا ساذجة مع مخرج سيء ونص عتيق قد تداورته الأيدي...

حتى بدى كترسبات بعض الأتربة على حجارة منذ الأزل تغفو على سطح الأرض القاحلة من كل شيء حاشا الواقعية وتشدق أربابها الذين ينعون بواقي هيكل كان يحظى بالرقاد تحت أكسية رثة من بقايا حلم قد تدثر ببعض ألبسة الصدق
قبل أن يجرد منها وهاهم يبعثونه بعد أن كان ينعم بالستر والهدوء والتخلص ممن لبسوه شعارا ولم يلتصقوا به كدثار.


( 2 )

صـاحبـي..

رأيته يحث السير نحو البحر فلحقت به وأنا أصيح:

توقف ، بالله عليك توقف..

وبعد كثرة الصياح توقف

اقتربت منه وأنا أقول : أمجنون أنت أهذا وقت السباحة وأنت ترى البحر هائج هادر وأنت لم تكمل بعد.

عندها..

التفت إلي وعيناه من كثرة الدموع شبه منطفئة قائلا: مع حقيقة ما قلت إلا أنه لامناص من دخول البحر..!

لماذا ؟!

لأن أهل البر الذين أحبهم ولا أعدل بهم أحدا هم السبب..!

كيف ذلك ؟!

دعني أخبرك مع أني قد سئمت الشكوى..

(لقد فزعت إلى أهل البر لنجدتي من سيل التساؤلات الناتج عن أمور عدة في الحياة إلا أن هذه التساؤلات تتراوح بين المحظور والمباح لذا فقد جوبهت بالتسفيه والإعراض مع التقريع والتندر من قبل أهل البر ومع بقاء الحال على ما هو عليه دون تغير يستبشر به فقد قررت أن أخوض البحر لوحدي لأقف على أجوبة أي تساؤل يردني ).

ثم انطلق يعدو داخل البحر وهو يقول: هذا ما دفعنا أهل البر له.

( 3 )

صـاحبـي..

في كل دمعة طفل...

وفي كل ناي حزين..

وفي كل نبرة بؤس..

وفي كل شارع أسيف..

تجدني غير مثقل إلا بالجراح من صمت السنين عن إغفال أنات السقيم في هزيع من الليل البهيم حيث تنفر الشكوى من الشكوى خوفا على نفسها من تداعي الشكوك حول المصير.

عند ذلك الجدار قرب ذاك الرصيف المتاخم للشارع الأسيف ربما تجد من غفلت عنه عقارب الساعة أو غفل عنها ولم يزده الليل والنهار إلا قدما..

ربما تجده وقد أصبح هيكلا تذرو الرياح بقايا رفاته حيث الهواء قد يوصله إلى بغيته التي حيل بينه وبين الوصول إليها فآثر أن يبلغها ولو كان جسدا بلا روح أو بقايا رفات المؤكد أن يلامس شيء من جسده أرضها حينها من سيبالي لا أحد فالممنوع دخول الأحياء أما بقايا رفات الأموات فلن يحول دون وصوله أحد.

( 4 )

صـاحبـي..
ونبع ماء الحب في أرض الحياة القاحلة ليروي ظمأ الجفاف ، إذ بحضور الحب تختل الموازين ، ليقوم القليل بدوره ، ولأن في الكثير الهلكة ، أما نحن فنمضي في مدارك الحب على رواحلنا التي أنهكها السير المضني في شعاب الغرام وفيافي العشق ، متيمين بكل سانحة لعلها تبرد لهيب الشوق المتقد في دواخلنا لكن...
ما دام هذا الهواء يغذي الهوى بنقل رائحة الحبيب ودياره فلن يبرد لهيب الشوق بل سيزداد وهذا هو الفرق بين من يتنفس الهواء ليحيا ، ومن يتنفسه ليشقى.

( 5 )

صـاحبـي..
حياة بلا توكل جحيم لا يطاق..



( 6 )

صـاحبـي..

أسمع أصواتاً تقترب وهي تلهث...

إنها تقترب..

تقتـرب..

إنهـا..

أصوات الأفكار المزدحمة في رأسي قد وصلت بعد طول جري من الخيال إلى اللاوعي لتظهر..

لكن...

جسمي يئن ويشتكي ثُقلـها..لذا..

تركهـا تواصل جريها نحو المجهول.



( 7 )

صـاحبـي..

وعشنا كما يعيش الغرباء..
نرتوي من هذا العناء..
نرقب الضياء..لكنه تأخر..
لذا حاولنا الفناء إلا أنه أيضاً تأخر..


يا ترى ذاك السناء يرقبنا كما نرقبه أم أنه تعالى فلا يرى إلا ذاته..

أتراه يعاني النرجسية كما نحن..أم هي خصلة اختص بها بنو الطين.

ربما يرى البعض أن الخيال يعيشني وهي حقيقة لأن الألم - وإن وُصف لك - لا يعرفه إلا من تلبس به.



( 8 )

صـاحبـي...

يأتون بلا موعد ، ويرحلون كذلك..

يأتون بهدوء النسيم..، وبطهر الغيمة ، وبعفوية الخاطر الجميل..

تغار الحياة منهم لذا هي تحاول أن تعتزلهم فلا تلقي لهم بشيء من حطامها أو بشيء ممن يتنفس الهواء ولديه فؤاد ينبض بالحياة..ليسلوا به ، وما ذاك إلا لما لهم من بهاء وصفاء كأنما ارتضاهم الهدوء والجمال سكناً ..

كم هي قاسية تلك المعيشة عندما يكون الخصم هو الحياة..

0 تركوا أثرا:

إرسال تعليق